Sunday, September 28, 2008

يومٌ اعتيادي بطريقةٍ استثنائية

تحاول جاهدةً ان تفتح عينيها كعادة كل صباحٍ, ذلك الصباح الذي يبدأ عندها دون الناس في ساعةٍ متأخرةٍ من الصباح!!

هي تعشق الليل و ساعات الليل و هدوء الليل و سكون الليل و غموض
الليل و قمر الليل و نجوم الليل و تناقض الليل ..
فالليل للمجرمين غطاء و ستار و نفس الليل للعاشقين سحر و سهر و احلام.. و ظلام
الليل للمحتالين و السارقين خمار و ذات الظلمة للفنانين و الحالمين الفة و اسرار و خيال.. ظلمةُ قيود ٍ و حريات و صمت و كلمات..
في قمره, رموز و قصص و حكايات و لوحات و الحان و اشعار و احزان و غربة و اوطان
في نجومه, وجوه و ملامح و اسماء و عناوين


تنهض اخيراً لتغسلَ بضوءِ و دفءِ الشمس ما تركه
الليل من آثارِ تجاعيد ٍ على وجهها و ثِقَل ٍ في جفونها و هالاتٍ سود تحت عينيها.. متوهمةً صباحاً اعتيادياً ليومٍ كباقي الأيام


تتسابق مع تلك الدقائق الاولى الأصعب, استعداداً يومياً لقلقٍ مسبق ينتابها كل صباح لمجرد وجود فكرة احتمال موعد مع القدر.. ظنت مخطئةً انه إن حدث و تقابلا ذاك الصباح فسيكون موعد اعتيادي في صباح اعتيادي ليوم اعتيادي..


تسرع في طريقها تعرف فقط انها قد تقابله و انها كعادتها ستتكلم و انها ايضاً كعادتها سنكون عفوية لا تعرف مسبقاً عن ماذا ستتكلم لانها كعادتها تتكلم في كل شيئ و عن أي شيئ..
ما لم تكن تعيه ان القدر في ذلك الصباح سيغير عاداتها و سيعطي ذلك الصباح عنواناً جديد و ذاك اليوم تاريخاً فريد و سيضعها وجهاً لوجه ذلك الصباح مع واقعٍ تجاهلته طويلاَ..


وصلت متأخرة بضع دقائق و جلست على غير العادة مرتبكة.. و بدأت تحتسي قهوتها الصباحية محاولة لسبب أو لآخر تفادي مواجهة وشيكة مع واقعٍ حضرَ متأهباً و محذراً.. و فجأةً أدركت انها كانت على موعد مع صباح متناقض:
صباح يحمل اخبارَ وداعٍ كانت تخشاه و لكنه زفها لها على شكل بشارة حرية كانت قد سُلِبَت منها دون ان تشعر..
صباح تلاشى فيه أملٌ لا أمل َ فيه ليتركها وحيدة و يؤكد لها انها افضل حالاً بلا امل ٍ عن بأمل ٍ لا امل َ منه..
صباح امسكها من يدها و اخرجها اجباراً من ارض احلام ٍ وهمية تطفو على وجه ماء راكدة..
صباح قطع معها عهداً ان لا عهدَ بعد اليوم و تركها مُذَكِراً "اليوم هو اليوم, فاحذري ان تنسي"..


لملمت افكارها و اخذت قهوتها الباردة تحاول كعادتها وضع خلاصات و نهايات لجمل ناقصة و تحليلات لاخرى غامضة و تخيلات لايام قادمة و تصورات لمستقبل قريب يفصله عن الحاضر طول ليلة واحدة ليصبح صباح آخر و تحديات جديدة..

و انقضى الصباح و بعده المساء و مع طلة قمر
الليل ارتسمت ابتسامة على شفتيها حين تذكرت ان تلك الليلة سينام اخيراً من دون كوابيسه المتكررة و انه على غير العادة لن يرى تماسيح في احلامه بعد اليوم.. و انها هي على غير العادة ستتخلص اخيراً من قلق احتمال اي موعد بعد اليوم
..